كلمة المحرر
مركز
التجارة العالميّ بـ«واشنطن»
بالروح
الصليبيّة الوَثَّابة المُطَعَّمة بالروح الصهيونيّة ، انطلق الرئيس الأمريكي «جورج
دبليو بوش»
الابن ؛ ليعمل سريعًا وطويلاً على إذلال الإسلام والمسلمين ؛ لينتقم منهم تجاهَ ما
صنعوه – فيما زعم وزعم قومه على تَضليل منه ومن إدارته – من إذلالهم أو محاولتهم
لإذلالهم يومَ 11/سبتمبر 2001م (الثلاثاء : 22/جمادى الثانية 1422هـ) من خلال
تفجير مَبْنَي مركزِ التجارة العالميّ (World
trade center) بـ«واشنطن»
العاصمة الأمريكية . رغم أنّه لم يثبت بالتحقيق المحايد الذي ينبغي أن تقوم به
لجنةٌ عالميةٌ مُكَوَّنةٌ من الأعضاء من كل منطقة في العالم – لابتحقيق أمريكي
وحده يَتَحَكَّم فيه اللوبيّ اليهوديّ الذي يُشَوِّه الحقيقةَ ويعتاد اختلاقَ
الدلائل التي تُؤَيِّدُ ما يَوَدُّ إثباتَه خلافًا للواقع – لم يثبت أن التفجيرات
قام بها مسلمون عرب .
فشَنَّ
الحربَ على ما سَمَّاه بـ«الإرهاب»
ونَوَىٰ به الإسلامَ . ومهما قال : إنّه لايحارب الإسلامَ وإنّما يحارب
الارهابَ ، فإنّ فعلَهُ يُكَذِّب قولَه ؛ لأنّ ممارساتِه كلَّها وتصريحاتِه جلَّها
تُؤَكِّد أنّها لن تصدر إلاّ عن عدوّ حَنِقٍ للإسلام يودّ أن يمحوه وأهلَه من وجه
الأرض ، أو يُذِلَّه ويُهِينَهُمْ بحيث يَتَقَزَّز منه ومنهم العالَمُ كلُّه ؛
فيُفْرَدُونَ إفرادَ البعير المُجَرَّب .
ليُسَائِلْ
أحدٌ هذا الرئيسَ السكران بقوّته : فخامة الرئيس ! إذا رُحْتَ تحارب الإرهابَ ، ليس
غيرُ ، فلماذا ظلتَ تُمْلِي على وسائل الإعلام الأمريكية والأوربية بشكل أو بآخر،
أن تُرَدِّد دونما تَعَبٍ أن الإسلام إرهابٌ وأن المسلمين إرهابيون . ولماذا تتصرف
مع الإسلام والمسلمين أنت وإدارتُك بشكل يُوحِي إلى الشعب الأمريكي والشعب
الأوربيّ أن المسلمين يجب أن يُتَنَاوَلوا بكل نوع من الإساءة والاعتداء ، وأن
قرآنهم وشريعتهم يستوجبان الإساءة والتدنيس ، وأنهم قومٌ يستحقّون كلَّ ما يمكن من
التعذيب والتنكيل ؛ فالتقارير الحديثة المُوَثَّقَة تُؤَكِّد أن حوادث الاعتداء
على المسلمين في ازدياد مستمرّ وبنحو خطير في داخل أمريكا خصوصًا وفي دول أوربّا
عمومًا ، حتى أصبح المسلمون خائفين على مصيرهم في هذه البلاد .
ولماذا أشرتَ – إذا كنتَ لا تحارب إلاّ
الإرهابَ – على محققين أمريكيين يقومون بالتحقيق في سجن «غوانتانامو» – الذي أصبح مضربَ المثل في تعذيب المُعْتَقَلين خارجَ إطار
القضاء تعذيبًا منقطعَ النظير في التأريخ البشريّ – بتدنيس قدسيّة القرآن الكريم
بوضعه في مراحيض المُعْتَقَل ؟ ولماذا لم تُقْدِمْ لحد اليوم على تقديم اعتذارٍ ما
ولو بكلمة وكلمتين ، رغم احتجاجات المسلمين الصارخة في العالم كله الذي ظلّ – ولا
يزال – تسوده حالةٌ من الغليان الشعبيّ غيرُ عاديّةٍ؟.
ولماذا
أشرتَ على جنودك الْمُتَسَلِّطين على سجن «أبوغريب»
بالعراق على التعامل مع المسجونين بشكل يتجاوز جميعَ الحدود الإنسانية ، حتى احتج
ضده جميعُ المجتمعات البشريّة في العالم ، ولاتزال المنظمات العاملة في مجالات
حقوق الإنسان تصف أمريكا بأنّها أكبرُ خارقة للقوانين الدولية ، والأعراف البشرية
، والآداب الإنسانية . كشفت ذلك منظمة العفو الدولية بالتعاون مع المنظمات الأخرى
في تقريرها الصادر يوم الجمعة 13/5/2005م (4/4/1426هـ)؛ وصَرَّحَتْ أنّها أكبرُ
سجّانة في العالم ، وأنّها تَتَصَدَّر قائمةَ الدول التي تحوي مساجين منذ عام
2000م؟.
ولماذا
أشرتَ – إذا كنت إنما تحارب الإرهابَ ليس غيرُ – على جنودك في كل من أفغانستان
والعراق باقتحام المساجد ، وقتل المصلين ، واغتيال الأئمة والمؤذنين ، وتمزيق
المصاحف والكتب الدينية ، ورسم الصلبان على جدرانها وفي محاريبها وأبوابها ؛
وبمداهمة البيوت ليلاً واعتقال الرجال أو اغتيالهم ، واغتصاب النساء المسلمات
جماعيًّا . بالتاكيد لم يكن ذلك منك ومن إدارتك وبالتالي من جنودك ، إلاّ إيغالاً
في التذليل و مبالغةً في إشباع الروح الصليبية الصهيونية ؟.
ولماذا
أشرتَ – إذا لم تُرِد إلاّ محاربة الإرهاب – على جنودك بتعريض 84٪ من مؤسسات التعليم
العالي – حسب دراسة أجرتها جامعة الأمم المتحدة – للتدمير والتخريب والنهب منذ
بداية حربك على العراق عام 2003م ؟.
ولماذا
أشرتَ على وحدات الموساد والكوماندوز الإسرائيلية بالتحرك في الأرض العراقية – منذ
أَنِ احْتَلَلْتَها – حتى قال تقـــريرٌ أمريكيٌ أَعَدَّتــه خارجية أمريكيــة
بدورها ، ورفعته إليك أنت : إنّ هذه الوحدات تعمل خصيصًا لقتل العلماء العراقيين
وتصفيتهم ، بعد أن فَشِلَتِ الجهودُ الأمريكية منذ بداية الاحتلال الأمريكي في استمالة
عدد منهم للتعاون مع أمريكا والعمل بالأراضي الأمريكية ؛ فرأى الموسادُ
الإسرائيليُّ على إيعاز من أمريكا أن الخيار الأمثل للتعامل مع هؤلاء العلماء هو
تصفيتهم جسديًّا، وأن أفضل الخيارات المطروحة لتصفيتهم هو في ظل انتشار أعمال
العنف الراهنة في العراق ؟.
وهناك
مُخَطَّطَاتٌ رهيبةٌ أقدمتَ على تنفيذها عاجلاً ، متزامنةً مع احتلالك للعراق ومن
قبل أفغانستان ، لتغيير نظام الحكم واستبدال الديموقراطية الأمريكية الغربية
الخادمة لمصالح أمريكا وإسرائيل ، بالحكومات القائمة لدينا حالاً . هذا في جانب ،
وفي جانب أخر .. لتغيير التعليم العربي واستبدال المنهج الدراسي المرضيّ لديك ،
بالمنهج الدراسي المُتَّبَع لدينا اليوم ؛ فقد خَصَّصْتَ للعام 2006 وحده 270
مليون دولار ، لتمويل برامج التغيير في التعليم لدى العالم العربيّ . وهذه البرامج
– كما قالت المصادر الأمريكية ذاتُها – تستهدف تغييرَ المناهج ، وتدريبَ المعلمين
على النمط الأمريكي ، والضغطَ على أنظمة العالم العربي في أربعة مجالات رئيسة ، هي
: السياسة ، والاقتصاد ، والتعليم ، وتعزيزُ مكانة المرأة على الطريقة الأمريكية .
وهناك
استراتيجيةٌ تَبَنَّيتَها لتغيير الإسلام نفسه ، فاتحًا جبهةً غير مرئية في الحرب
على ما أسميتَه – تضليلاً وخداعًا – بـ «الحرب
على الإرهاب»
؛ فقد أفادت الأنباء مُؤَخَّرًا أنك أنفقتَ 1,3 مليار دولار منذ هجمات 11/سبتمبر
2001م لتغيير وجه الإسلام ذاته ، والترويج للقيم الأمريكية بين المسلمين في خطة
استراتيجية غير مسبوقة تشمل نحو 20 دولة عربية وإسلامية . وأبْرَزُ الأدوات التي
تعتمد عليها هذه الاستراتيجيةُ ، هي الشعرُ ، والنكاتُ السياسية ، والموسيقي ؛ بل
وَشَمِلَتْ أيضًا – إيغالاً في الخداع وذر الرماد في العيون – الإسهامَ في ترميم
المساجد والآثار الإسلامية ، بالإضافة إلى استحضار أساليب وتكتيكات الحرب الباردة
ضد الشيوعيّة . وقد قالت المصادر الإعلامية الغربية نفسُها : إن هذه الاستراتيجيةَ
لاتهدف إلى التأثير في المجتمعات الإسلامية فحسب ؛ بل إلى التأثير في الإسلام ذاته
. كما أنها تهدف إلى تنفيذ بـرنامـج تغريبي بعنوان : «مكتبتي
العربية».
يُوَفِّر البرنامجُ مطبوعات مُلَوَّنة وممتعة للقراءة باللغة العربية ، وهي
مُتَرْجَمَةٌ من كتب أمريكية للأطفال وأخرى صهيونية الأصل لتلاميذ الصفين الثالث
والرابع بالمرحلة الابتدائية في جميع أنحاء المنطقة العربية !!. وعلى ذلك – كما
أَكَّدَت المصادر – هناك ثلاثة آلاف مدرسة في العالم العربي ستتلقّى مليونَ كتاب
تستهدف 120 ألف تلميذ ، وستة آلاف مدرس . وكلُّ ذلك يُصَبُّ في تغيير العقلية
العربية لصالح الصهيونية والصليبية والمصالح الأمريكية الإسرائيلية .
أَجـِبْ
: أيها الرئيس ! أليس ذلك كلُّه محاربةً مباشرةً للإسلام ، وبالتالي للمسلمين ؟.
فكيف تَخَالُ أن المسلمين يحبونك وبلادَك والصهيونيةَ التي تديرك أنت وبلادَك ،
وأنت تتحرك دون أن تشعر ضمن ما تودّه منك . فأنت تعيش وتتصرف في إطار تبعيّة ذليلة
لها . كما أنك تصدر في جميع ممارساتك القولية والفعلية تجاه الإسلام عن عداء شديد
له تؤكّده بعضُ الدلائل التي ذكرناها فيما أعلاه .
وما
يُخْفَى صدرك هو أكبرُ مما ظَهَرَ . إنّ الحالة القائمة لن تتغير، وإنما تتفاقم
إذا لم تَنْتَهِ عن الأخطاء الخطيرة التي ترتكبها ضد دولتك وشعبك وقومك ، وضد
الإنسانية جمعاء ، فضلاً عن أنها هي ضد الإسلام على طول الخط وعرضه . ومتى جَنَىٰ
أحدٌ العِنَبَ من الشوك ، حتى تَجْنِيَه أنت منه ؟. أفهل تعي الدرس، أم تظل سادرًا
في درب الضلال والإضلال والإضرار بالإنسانيّة ، الذي اخترتَه ؟ إذاً جَنَّبَ اللهُ
القادر المقتدر الإنسانيةَ شَرَّك . [ التحرير ]
*
* *
مجلة
الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . جمادي الثانية – رجب
1426هـ = يوليو – سبتمبر 2005م ، العـدد : 7–6 ، السنـة : 29.